تجربتي مع المراقبة المستمرة

Publié le

تجربتي مع المراقبة المستمرة

 
ذ . عمر حيمري
www.oujdacity.net

15/07/2009

 المراقبة المستمرة ،هي مجموعة من الإجراءات والعمليات والأنشطة ، التي يوظفها الأستاذ باستمرار، من أجل الحكم على نتائج التعلم المحصل عليها من طرف المتعلم ، ومدى استيعابه للعملية التعليمية .وفي عرف المجتمع المدرسي (الأستاذ - التلميذ - الإدارة – الآباء والأولياء ) هي النقطة الإجمالية النهائية المحصل عليها خلال فترة زمنية محددة . أي معدل النقط والتقديرات الناتجة عن عدة اختبارات يخضع لها المتعلم ، بهدف معرفة مستوى تحصيله العلمي و المعرفي . ولها تأثير على نجاح التلميذ ، أو رسوبه بنسبة معينة .قبل 1987 كانت المراقبة المستمرة أو التقييم المستمر، يقتصر على تشخيص أسباب التخلف الدراسي ،ومعرفة مستوى التلميذ ، ومدى استيعابه وحفظه للدروس ، ومساعدته على بذل المزيد من الاجتهاد للحصول على نتائج عالية ، مع تذليل الصعوبات ، التي قد تواجهه عن طريق المراجعة ، والدعم ، والتقوية ... بهدف الرفع من المر دودية و الاستعداد والتأهيل لاجتياز الامتحان الموحد من أجل تحقيق النجاح كهدف أسمى. إلا أن الأساتذة ، وعن طريق تقارير المجالس التعليمية، واللقاءات التربوية مع السادة المفتشين ، ظلوا يطالبون باحتساب نقط المراقبة المستمرة، ضمن نقط الامتحان ، كورقة ضغط، أو كإجراء تهديدي، تأديبي، يشهر في وجه المشاغبين من التلاميذ ، وكوسيلة ضبط أيضا ، داخل الفصل . وبعد الإصلاح الذي جاء به الميثاق الوطني للتربية والتكوين ، ظهرت المراقبة المستمرة مع المنشور الوزاري رقم 112 بتاريخ 28/06/ 1986 في شأن التقويم والتنقيط والمعاملات، بأقسام السنة النهائية إعدادي.وابتداء من سنة 1988 بدأ اعتبار نقطة المراقبة المستمرة في جبر التلاميذ الذين يجتازون امتحان البكالوريا ، كما بدأ العمل باحتساب نقطة المواظبة والسلوك ابتداء من سنة 1991 . والمذكرة 142 الصادرة بتاريخ 16/ 10/2006 في شأن تنظيم امتحانات نيل شهادة البكالوريا ، نصت على اعتماد نقطة المراقبة المستمرة وحداها للانتقال إلى المستوى الموالي ، في الجذوع المشتركة والسنة الأولى من سلك البكالوريا . أما في امتحان السنة الثانية من سلك البكالوريا فتحتسب نقطة المراقبة المستمرة ، بنسبة 25 في المائة في المعدل النهائي ، لنيل شهادة البكالوريا .إن الأهمية الكبرى ، والمكانة الهامة ، التي احتلتها المراقبة المستمرة ، في الميثاق الوطني من أجل ضمان عشريته ،التي انطلقت مع الموسم الدراسي 2000/2001 كانت لها انعكاسات سلبية و مخيبة لكل الآمال . بل ومعاكسة لكل ما كان يرجى منها . فعلى صعيد الإدارة ، لم تتمكن عملية التقويم المستمر، من مساعدة أصحاب القرار، على تطوير المناهج والبرامج، وتقويم الخطط التربوية ، بهدف وضع استراتيجيه تعليمية مستقبلية للرفع من جودة التعليم ، كما لم تساعد الإدارة التربوية على اكتشاف أسباب التخلف الدراسي ،والهدر المدرسي، ووسائل تحسين النتائج . بل لم تكن عونا لها ، حتى على توزيع التلاميذ على الأقسام ... أما الأساتذة وبسبب الإكراهات المتعددة ، فقد وقعوا في كثير من الأخطاء أثناء تعاملهم مع المراقبة المستمرة ، أذكر منها على سبيل المثال (1) احتساب النقطة التي تمنح على الأنشطة والتمارين المختلفة ، والتي يكون الهدف منها في الغالب معرفة مدى فهم التلاميذ واستيعابهم للدرس ، ومدى تحقق الأهداف التي سطرت للدرس .[ التقويم التكويني] وليس التقييم النهائي . (2) كثيرا ما تعطى النقطة إرضاء للأقارب والأصدقاء ،ومحافظة على العلاقات الخاصة ، واستجابة للتدخلات والتوصيات . (3) تتأثر نقطة المراقبة المستمرة بمحاولة إرضاء التلاميذ، وتجنبا للمشاكل التي قد تحدث في الفصل .(4) بعض الأساتذة يعطي نقطة تقديرية، اعتباطية، دون إجراء أي اختبار، أو دون تصحيح الاختبار، بحجة أنه يعرف مستوى تلامذته، أو بدعوى ضيق الوقت، أو بدعوى محاولة كسب المزيد من الوقت لإنهاء المقرر أو لتحقيق مآرب أخرى، تعود بالنفع على المعلم والمتعلم. وما يبرر هذا الطرح شهادة الامتحان الموحد الوطني والجهوي . فمقارنة بسيطة بين نقط الامتحان الموحد ونقط المراقبة المستمرة تبين زيف ، وكذب ، هذه الأخيرة.وهذا التضخيم لنقط المراقبة المستمرة ، متفق عليه ،ولو بشكل ضمني وغير معلن ، كل من الإدارة التربوية، والمراقبة التربوية ، والأساتذة ، والأسرة . (في حياتي المهنية كلها ، عرضت علي شكوى واحدة ضد تضخيم النقطة ،(18 على 20 في مادة الإنشاء ). ولم تكن بريئة ...)أما بالنسبة للتلميذ ،فلقد ساهمت نقطة المراقبة المستمرة ، في انتشار العديد من الأمراض النفسية ، والاجتماعية ،لأنها مرتبطة بالامتحان ،وبالمدارس العليا ، التي تطلب نقطا مبالغا في ارتفاعها ، ولو كانت غير واقعية ، وتلغي من حسابها المباراة معتمدة على الانتقاء الآلي . الشيء الذي شجع على إفشاء ظاهرة الدعم ، والساعات الإضافية ، حتى أصبحت مظهرا ، وموضة اجتماعية تتفاخر بها الأسر والتلاميذ ، وعنوانا للترف ، والرفاهية ، والمكانة الاجتماعية ... إن شعور الوزارة بالطابع الابتزازي للدعم ،وبالتكاليف المادية الباهظة ،التي أثقلت كاهل بعض الأسر، ألجأها إلى إصدار المذكرة 138 لتطلب التطوع للدعم التربوي. ولكن الملاحظ أن التلاميذ لا يقبلون على حصص الدعم المجاني ويقولون ( الباطل يبطل ) وفي مقابل ذلك ، يرهقون الآباء ماديا بسبب دعم (الجاراجات) ، وهم ليسوا أغبياء ، وإنما يفعلون ذلك من أجل نقطة المراقبة المستمرة المزيفة . لقد أصبح التلميذ يتعامل مع المراقبة المستمرة بطريقة نفعية ، برجماتية ، تضمن له التفوق ، والنجاح ،وولوج المدارس العليا، والتسجيل بالخارج ... ففضل الغش وتفنن فيه ،وهيأ له الوسائل المساعدة ، واختار النقل بدل الاعتماد على النفس ،حتى في حالة السماح باستعمال الوثائق ، مبررا كل ذلك بقوله :( من نقل انتقل ، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه ). أمام فشل المراقبة المستمرة في تحقيق الأهداف التي وجدت من أجلها ، وخاصة تلك التي رسمتها المذكرة 05/7 والمتمثلة في : (1)تشخيص صعوبات التعلم (2)تتبع وتقويم تطور مستويات التلاميذ (3) البحث عن الخطط المناسبة للدعم والتقوية . لم يسع الأساتذة والإدارة التربوية ، إلا المطالبة بإلغاء النسبة المقررة للمراقبة المستمرة في الامتحان الموحد ، والمناداة باللجوء إلى النظام القديم للامتحانات

 ذ . عمر حيمري
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article