الدروس الخصوصية.. ابتزاز وتلقين الكسـل وتحسين مدخول بعض المدرسين!

Publié le

 الدروس الخصوصية.. ابتزاز وتلقين الكسـل وتحسين مدخول بعض المدرسين!

تزايدت ظاهرة الدروس الحصوصية خلال السنوات الأخيرة بشكل ملفت للنظر، خاصة في المدن، حيث تلجأ العديد من الأسر إلى المدرسين في التعليم العمومي، أو المعطلين من الحاصلين على الشهادات العليا، لإضافة ساعات إضافية لأبنائها، بقصد تحسين أدائهم الدراسي.

ولا يقتصر ذلك على مستوى دون آخر، بل يخترق جميع المستويات، من الابتدائي وحتى الجامعي، وإذا كان التلميذ يدفع تحت عوامل مختلفة أسرته إلى الأداء عليه، لتحسين مردوديته فيما يعتقد، فإن الأسرة يشكل لها ذلك زيادة إضافية في المصاريف، خاصة إذا كان لها أكثر من ابن واحد في المدرسة، أما بالنسبة لبعض رجال التعليم فالدروس الخصوصية فرصة لتحسين دخلهم الذي يرونه غير كاف في ظل ارتفاع تكاليف العيش، وتدني مستوى القدرة الشرائية.

تنافس بين الأسر

الغالي، تلميذ في البكالوريا آداب، يرى أنه للحصول على نقطة تمكنه من الحصول على شهادة البكلوريا، لا بد من الدروس الحصوصية، خاصة في اللغات، الفرنسية والانجليزية، وكذا المواد العلمية بالنسبة للتلاميذ في التخصصات العلمية، ويفسر الغالي هذه الحاجة بكون أن ذلك طريق يلجأ إليه كل تلميذ مستواه ضعيف في هذا المواد، ولذا هو يستعدة لذلك منذ بداية الدخول المدرسي لهذه السنة. ويقول الغالي إن جميع التلاميذ في مدينته الصغيرة، يتلقون دروسا خاصة، لكنه لا يخفي في الوقت ذاته أن لذلك أهداف أخرى، منها التعرف على الأستاذ المدرس عن قرب، من أجل أن يمنحه نقط جيدة في امتحانات المراقبة المستمرة، إضافة إلى ذلك أصبح مجالا للتنافس بين الأسر وأبنائها.

أما الخفي في ذلك، حسب ما صرح به، فهو أن الأساتذة الذين يلقون هذه الدروس، ويستقبلون التلاميذ في منازلهم، هو أنفسهم من يدرسونهم في التعليم العمومي، ويساعدونهم أكثر في الحصول على نقط جيدة، يطرق مختلفة، منها غض الطرف عن أولئك التلاميذ الذين يتلقون عندهم دروسا خاصة، سواء كان ذلك في امتحانات المراقبة المستمرة أو الامتحان الجهوي وحتى الوطني، لكونهم هم أنفسهم من يقومون بوظيفة الحراسة.

أما بالنسبة لمحمد، أب يتلقى أبناءه دروسا خصوصية، فإن هذه الدروس تعمل على تحسين مدخول بعض المدرسين الذين يعيشون إكراهات مادية، وتعمل على امتصاص جزء من حاملي الشهادات المعطلين، وتمكن التلاميذ من استيعاب جيد للدروس وتساعدهم على تجاوز صعوبات المواد الدراسية وخاصة العلمية منها واللغات، ثم أنها تسد النقص الحاصل فيما لا يركز عليه المدرس خلال مواجهته لفصل مكتظ ومقرر طويل.

وما يخفيه هذا الأب هو أن وراء ذلك تكاليف إضافية للأسر إذ حسب إبراهيم، وهو أستاذ، فإن هذه الدروس الخصوصية تكلف الأسرة 200 درهم إضافية كحد أدنى لكل تلميذ، تدفعها الاسرة شهريا، أما في الحد الأعلى فإن بعض الأسر تدفع عن أبنائها حتى 1500 درهم شهرياـ اعتقادا منها أن تلك الدروس من شأنها أن ترفع مستوى أبنائها الدراسي.

موضة ومرض

أما في رأي الأستاذ حسن فالدروس الخصوصية أصبحت موضة، يقول حسن أستاذ اللغة العربية، بدليل أنه حتى التلاميذ المتفوقين يلجأون إليها، وليس هذا فحسب، بل هناك من وجد فيها وسيلة للإبتزاز، إذ يلجا بعض الأساتذة إلى الضغط على تلاميذهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للتسجيل عندهم لمتابعة الدروس الخصوصية. وهو السلوك الذي يؤدي، حسب المذكرة 237 بشأن تنظيم الدروس الخاصة، إلى عدة مشاكل تتمثل في الإساءة إلى العلاقة بين المتعلمين و تلامذتهم وإحراج أولياء أمورهم خصوصا الفقراء منهم و ذوي الدخل المحدود.

وفي تعليقه على ذلك، يرى اباهيم الشيخي، باحث وأستاذ بالثانوي، في حديث لـ''التجديد''، أن دواعي انتشار هذه الدروس في اوساط كثيرة، خاصة بالمدن، يرجع إلى أن مبعث التلاميذ هو تحسين مردوديتهم لنفص عتدهم في البنية الأساسية لمعارفهم، سواء في اللغات أو المواد العلمية أساسا، لكنه يرى انها أصبحت مرضا جد منتشر اليوم في الوسط التعليمي. كما أنها بعض الأساتذة الذين يتعاطون هذه الدروس يفرضونهم على التلاميذ بطرف مختلفة، إذ أصبحت في كثر من الأحيان تتم مقابل الحصول عل نقطة في هذه المادة أو تلك، وهذا لا يقتصر على الالاعدادي او الثانوي بل موجود حتى بالجامعات، يقول الشيخي.

تعلم الاتكالية والكسل

ولهذه الدروس آثار سلبية جدا على أكثر من مستوى، قبالنسبة للتلميذ، يقول الشيخي، منها أنها تعلم التلاميذ الاتكالية وعدم الثقة في النفس، كما أنها تجعلهم غير مبالين داخل القسم، ولا يكون التلميذ مشاركا في الفصل، بل ميالا إلى التكاسل، لكون ان الاستاذ الذي يدرسه داخل الفصل هو نفسه يدرسه داخل بيته أو في الروض أو غيره، ويصبح متلقي سلبي.

وباختصار
فالدروس الحصوصية تحلق لدى التلميذ الاتكالية والاعتمادية والسلبية ونوع من الخمول العقلى وعدم الابتكار لأنه تعود على أن تلقن له المعلومة بدون عناء لذلك لم ينشأ داخلهم مشروع باحث لينقب عن المعلومة والمعرفة. وحسب الشيخي فإن هذا يضعف في التلميذ المجهود الفردي والذاتي لنمو شخصيته العلمية، وتعلم الجدية، ويغيب عنده الاعداد القبلي أو غيره، إنه بخلاصة يصبح تلميذا كسولا، لا يعول عليه في شيء.

''خدام عندي''
أما بالنسبة للأستاذ، فإن آثار هذه الدروس عليه، تكون خطيرة على الأداء التربوي ومردوديته، فهو لا يحضر دروسه جيدا للقسم، وتذهب جهوده مع الدروس الخصوصية، وقد يصبح القسم بالنسبة له مجرد حيز زمني للراحة، لأنه يصاب بالتعب والارهاق، ذلك أن القانون لا يسمح بأكثر من 6 ساعات في التعليم الخصوصي، في حين نجد أن بعض الأساتذة يدرس أكثر من ذلك بكثير، وربما طيلة أيام الاسبوع بدون توقف، ولذلك يصاب بالارهاق.

أما الخطير في ذلك، يقول المتحدث، فهو أن صورة الأستاذ تهتز أما تلاميذته، ومن تهتز صورة المدرسة ككل، فالتلميذ يتشكل عنده اعتقاد مفاده ان أستاذه في مادة معينة ''خدام عندي'' وهي مقولة أصبحت شائعة في صفوف التلاميذ. وهو يشكل صورة حول الأستاذ تتمثل في كونه ليس سوى رجل جشع يبحث عن المال فقط، فضلا عن التمايز الذي يصبح قائما بين التلاميذ في القسم بين التلاميذ الاغنياء والفقراء منهم.
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article