أحمد اخشيشن وزير التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي لجريدة الشروق

Publié le

  مردودية المدرسة ضعيفة وإصلاح التعليم يتطلب تفعيل عمل جماعي

اعتبر أحمد اخشيشن أن الشرط الأساسي لنجاح مشروع إصلاح المنظومة التعليمية يمر عبر تفعيل عمل جماعي لكل الفاعلين، من آباء ومسؤولين جماعيين ورجال السلطة حول المؤسسات التعليمية، وأضاف وزير التعليم في هذا الحوار أن كل مؤشرات المشهد التعليمي تشير إلى أن أوضاع المدرسة المغربية ليست بمستوى ما يطلبه المجتمع سواء على مستوى تنشئة المواطن، من انتمائه الجماعي واستشعاره بحقوقه وواجباته، أو فيما يخص الجواب على حاجيات الاقتصاد الوطني.

 بعد تقارير مهتمة، وتشخيص منكم اعتبر شجاعا لوضع المدرسة العمومية جاء البرنامج الاستعجالي، فما الذي يحمله هذا البرنامج من أجوبة؟

 أعتقد أن مطلب إنجاز برنامج استعجالي، هو تثمين هذا التشخيص، وأما الحديث عن برنامج استعجالي، فمرده وضع رؤية متكاملة وقابلة للإنجاز في ظرف وجيز، لأن كل المؤشرات التي وقفنا عندها كانت تشير إلى أن أوضاع المدرسة المغربية ليست بمستوى ما يطلبه المجتمع سواء على مستوى تنشئة المواطن، من انتمائه الجماعي، استشعاره حقوقه وواجباته، أو فيما يخص الجواب على حاجيات الاقتصاد الوطني على اعتبار أن جزء كبير من مرتادي المدرسة يتخرجون بدون تأهيل، أو مؤهلون لاختصاصات لا تحتاجها السوق الوطنية الآن، كما أن هناك مؤشرات أخرى تدل وتبرر هذه المردودية المحدودة، أولها نسبة الهدر التي تعرفها الآن فقط، وإذا تحدثنا عن نسبة التمدرس الإلزامي خلال السنين الأخيرة، فإننا نصطدم برقم 300 ألف طفل يغادر المدرسة سنويا.على صعيد آخر، تفيد نسبة التكرار داخل المنظومة أن المردودية الداخلية للنظام وللمدرسة المغربية ضعيفة جدا على اعتبار أن جميع المنظمات الأكثر تقدما التكرار فيها ممنوع بموجب القانون، فما دام لدينا الآن نسبة عالية من التلاميذ يكررون السنة، فمعنى ذلك أننا نؤدي ثمنا مضاعفا.ثم هناك مؤشر ثالث أعتقد أنه الأخطر، ويتعلق بالوضعية جد المتدهورة للفضاءات على مستوى البنايات والتجهيزات وعدم قدرة المنظومة التعاطي مع مستجدات التكنولوجيا والمعرفة مثلا في السنوات الأخيرة نحن بصدد إدخال المعلومايات للمدرسة، ولهذا السبب، أخذنا بعين الاعتبار هذه المآزق في المخطط الاستعجالي.

ما الذي تقصدونه بالضبط من هذا الشعار؟

نحن لا نراجع المرجعيات الاستراتيجية، لأن الأفق الاستراتيجي للمنظومة وللمدرسة العمومية تم الحسم فيه في ثنايا الميثاق الوطني، ومن جهة ثانية، لسنا من يحدد الأوليات، وإنما الإتفاق الجماعي أفضي للتقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للتعليم والذي حدد أولويات المدرسة المغربية في أفق السنوات القليلة المقبلة في أربعة محاور رئيسية للمخطط الاستعجالي، وتتفرع أولا على تفعيل إلزامية التمدرس إلى حدود 15 سنة، ثم حقوق التميز والمبادرة في الثانويات التأهليلية وفي الجامعات، وقضية التعاطي مع القضايا الأفقية العويصة لمنظومة التربية والتكوين، قضايا الموارد البشرية، وأخيرا، توفير الموارد والانخراط الجماعي من أجل إنجاح هذا المخطط. تحدثتم عن عناصر أربعة ويأتي في طليعتها تأهيل المدرسة في إطار عمل تشاركي بين مختلف الأطرف، وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن نسبة 26 في المائة من الميزانية العامة للدولة تخصص للقطاع.

كيف تنظر الحكومة من هذه الزاوية إلى إصلاح من هذا الحجم؟

 انخراط الحكومة حول هذا المشروع لا نقاش فيه، أولها التصريح الحكومي ثم المحطات الأخرى التي أتت بشكل منتظم سواء الوزير الأول أو المسؤولين على القطاع الذين أعلنوا هذه الأولوية.وبالرجوع لقضية الميزانية، أعتقد أن هناك نوعا من المغالطة في تناول هذا الملف، لأننا أمام مجهود جماعي جبار، وأرى أن مشكلتنا في المغرب ليست في نسبة كبيرة من الميزانية الدولة تذهب للتعليم، نحن في المغرب كمجتمع لا نخلق ما يكفي من الثروات، وحتى مع تخصص نسبة 26 في المائة في الميزانية العامة للقطاع، نجد أنفسنا في أدنى المستويات في دول العالم العربي، حيث ننفق حوالي 520 دولار سنويا على كل مواطن إلى حدود 21 سنة في حين تصل النسبة إلى 1020 دولارا في تونس و1600 دولارا في جنوب إفريقيا هي 950 دولار في الأردن.

ولكن على الرغم من وجود هذا الالتزام، فإن قطاع التعليم وحده هو الذي يسبع في اتجاه الإصلاح، في حين أن القطاعات الأخرى لا تشارك، الوزارات الأخرى لا تكمل ولا تدفع في اتجاه العمل فكيف [ "]يمكن إقناع المتتبع بأن هناك إرادة الحكومة معبر عنها ويجب تفعيلها؟[ ]

هذه ملاحظة جوهرية لأنها تشير إلى ظاهرة تعتبر المفتاح الأساسي لعدم قدرتنا على تفعيل الإصلاح في السابق، أي مأزق الانخراط الجماعي، فهو يبدأ على مستوى القطاعات وضروري على مستوى جميع القطاعات الشيء الذي حرصنا عليه من خلال الاتفاقيات التي وقعناها.لا بد إذا من تفعيل عمل جماعي لكل الفاعلين، وأتحدث هنا عن انخراط الآباء والمسؤولين الجماعيين ورجال السلطة حول المؤسسات التعليمية، وأتحدث أيضا عن انخراط يومي حول واقع المدرسة، وإذا كان البعض يعتقد أن الإصلاح مرتبط فقط برجال التعليم، فستبقى الأمور كما هي عليه اليوم.نحن ما زلنا مصنفين ضمن المنظومات القليلة في العالم التي تدبر فيها الوزارة المدارس في حين أن العالم بأسره يتعامل مع المدرسة كبنايات وتجهيزات وحاجيات موكولة للفاعلين المحليين، لأن لهم القدرة على تشخيص حاجياتهم بشكل دقيق ولديهم القدرة على تعبئة الموارد والخبرات الضرورية من أجل سد هذه الحاجيات . دعني أنتقل بك إلى موضوع الاكتظاظ الذي يعتبر مرضا عضالا للمدرسة المغربية.

 كيف ستعالجون هذا المشكل خلال المخطط الاستعجالي ؟

الزمن المدرسي زمن بطيء، على اعتبار أن إدخال أي تدبير يستغرق مدة من الزمن وهذا يجعل كذلك محاسبة نجاح أو فشل العمليات الإصلاحية يتعدى الزمن السياسي والحكومي، بل إن النتائج الفعلية لن تظهر إلا بعد 10 أو 15 سنة.لقد درسنا موضوع الاكتظاظ والذي كان يتعاطى معه في السابق على أساس أولا أن البناية المدرسية يجب بالضرورة أن تكون من الناحية المبدئية ملكا للوزارة. لقد كسرنا هذه القاعدة اليوم، وسوف تباشر الوزارة تدبير عمليات تعليمية في فضاءات ليست في ملكها بأساليب الاقتناء المرحلي، الكراء على غرار ما هو قائم في الأردن مثلا.

 هل هناك أرقام دقيقة حول عدد المتغيبين من الأساتذة ؟

الرقم الوحيد الذي نتوفر عليه حسب الدراسة التي تمت منذ سنتين بخصوص الغيابات المبررة بشواهد طبية التي تصل إلى مليون و880 ألف يوم في السنة كغياب، ولا يمكن للفعل التربوي ومشروع المدرسة أن ينجح بغياب الفاعلين.

 كيف تنظرون إلى تدبير موضوع كلفة المدرسة، خاصة بعد إثارة ما سمي بـ"مافيا الكتاب"؟

عندما يقر مجتمع بموجب قانون إلزامية التمدرس إلى 15 سنة هذا يعني أن المجتمع مطالب بتوفير كل الشروط لضمان مقعد تربوي إلى كل طفل إلى حدود 15 سنة، وأعتقد أن الدولة تجتهد في توفير اللوازم المدرسية، وعملية مليون محفظة في هذه السنة هي إشارة في هذا الاتجاه.

كيف ترون مردودية الموارد البشرية؟

كل ما ثم من دراسات وقراءات لأداء المنظومة التربوية في العالم يقف عند خلاصة أساسية وجوهرية أن المردودية تتقدم بقدر ما تكون الكفاءات وانخراط المدرس متقدمة، وأن المدرس هو المحرك الأساسي للمخطط الاستعجالي.بالتأكيد، المدرسون اليوم لا يتوفرون على الكفاءات والامتلاك الضروري لشروط العمل التربوي والبيداغوجي العصري الذي تتطلبه المنظومة التربوية لاعتبارات كثيرة منها أننا لازلنا البلد الوحيد في العالم الذي يوظف أساتذة ويعطيهم مسؤولية القسم بعد أشهر من التكوين الثاني، و لازلنا نحن البلد الوحيد الذي لم يستوعب التكوين الأصلي لأساتذة بكل شروط المدرسة الحديثة بأساليب تربوية حديثة بأدوات تربوية توافق هذه الشروط من تملك للتكنولوجيات، وأخيرا، لازلنا من البلدان القلائل في العالم التي لم تعط قضية التكوين المستمر مكان الصدارة الذي تستحقه في حين أن العالم كله على الأقل يتلقى فيه الإنسان ثلاث أسابيع للتكوين المستمر سنويا.

 هل جاء البرنامج الإستعجالي ليجيب عن هذا التساؤلات؟

هذه أولوية ولا نقاش فيها، وارى أن هناك شرطين من أجل توفير العرض التربوي بالمواصفات التي نطمح إليها جميعا: الفضاء بمقوماته ثم المعرفة، ولا بد من التصدي لقضية ضعف الكفاءة عند ولوج المهنة، بمراجعة المسارات التكوينية، والتي ستصبح مستقبلا موكولة للجامعات في إطار نظام ADT الآن مستقبلا الأستاذ الذي سنتعاقد معه داخل المنظومة التربوية سيكون حامل للإجازة وسيكون قد تدرج في مجموعة من التكوينات المرتبطة بالأبعاد التربوية أي سيكون قد اختار من نفسه التوجه إلى مهنة التدريس سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص أو في المقاولات.ولا بد أن نأخذ بعين الاعتبار أن الزمن المدرسي ليس هو الزمن السياسي لأن المدرس الجديد هو استثمار للمستقبل ولكن بالنسبة لمن يشتغلون الآن، فإنهم سيستفيدون أساسا من التكوين المستمر، لأن المخطط وضع كأفق حوالي مليون ونصف يوم تكوين مستمر سنويا بالنسبة للأساتذة.بالنسبة للأطر الإدارية، أعترف أنه لدينا خصاص كبير جدا ولدينا عزوف فعلي لدى أفراد الأسرة التعليمية لتحمل مسؤولية الإدارة لاعتبارات عدة.

كيف تتعاطون مع العمل النقابي في التعليم الذي يأخذ مسارا تقليديا يكاد يعيق المنظومة ؟

أريد أولا أن أصحح بعض المعطيات، منها أنه خلافا لما يعتقد الكثير، فإن العدد الإجمالي للمتفرغين للعمل النقابي لا يتعدى 164 في منظومة فيها ما يفوق من 200 ألف، ومع ذلك، فإن الأمر لا يمنع النقاش حول ماهية العمل النقابي، لأن النقابات والفرقاء الاجتماعيين هم طرف أساسي في الحياة اليومية للمدرسة، كما لا يمكن أن نتحاور مع كل متدخل على حده، ولا يمكن التحاور مع متدخلين انطلاقا من مواقعهم الفئوية، فنحن في حاجة إلى مؤسسات ترصد الحاجيات وتقوم بدور الوساطة والاقتراح الفعلي.على صعيد آخر، سوف تقدم الحكومة خلال الأسابيع المقبلة تصورا أوليا حول إطار تنظيمي لعمل النقابات الذي نحن في حاجة إليه، لدفع التسيب المضر بالجميع الذي يحتاج إلى تأطير بشكل توافقي كما ثم مع الإضراب، كما أننا بحاجة إلى وضع ضوابط التشارك المبنية على أسس منظمة وتنظيمية بشكل تعاقدي ولضبط كل مكونات التمثيلية. هناك عدة قلاقل حول موضع الانتقالات، ما هو تقييم الوزارة لهذا المشكل.هذه الحركة يشارك فيها 70 ألف ونعلم جيدا أنه في أحسن الأحوال، نلبي طلبات حوالي 10 في المائة، بمعنى أننا نأخذ على عاتقنا نسبة 90 في المائة من مجموع 70 ألف ساخطين على الوضع، وأؤكد أننا نجسد اليوم المنظومة الوحيدة التي تتحمل تبعات هذا الزلزال.
نعود إلى موضوع اللامركزية، أعطيت صلاحيات كبيرة جدا للأكاديمية وأدوارا للنيابات، ولكن مازال دور واحد ممركز في الإدارة وهو موضوع الموارد البشرية ما الذي يمكن قوله بصدد عدم التركيز بصلاحيات المستخدم في الأكاديمية بالإضافة إلى الإجابة حول الشق الثاني من السؤال..

كثر الحديث اليوم عن "مغرب الأصالة والمعاصرة"، وكثر التساؤل أيضا عن طبيعة المواطن المغربي الذي تعنى المدرسة المغربية بتأطيره؟

 لا بد من خلق مواطن يعي ذاته الشخصية وذاته الجماعية أي يعرف من هو وما هي حدوده وواجباته، ولديها موقع جغرافي وجيد واستراتيجي ولديها بعد حضاري وثقافي وبشري معين. ولا بد من خلق مواطن مؤهل بما يكفي للمشاركة في أكبر قدر ممكن في خلق الثروات الجماعية التي نحتاجه فالإنسان منتج، وأخيرا، لا بد من خلق إنسان يعي العالم الذي يعيش فيه بما يكفي من مؤهلات التفتح كي يفهم ما هو موقع المغرب في كل يوم وكيف يجب تفاعل المغرب مع الكائنات التي تتعيش فيه.

ماذا عن ملف الكتب والمناهج الدراسية ؟


لم نفتح بعد هذا الورش أقول لو أن هذا التعبير سيصدم البعض البرنامج الإستعجالي غرضه الاشتغال على ضمان استقرار المدرسة أي أن يكون لدينا كل مقومات الفعل التربوي بناية فيها تجهيزات وفيها أساتذة أكفاء وحضور مكثف للتلاميذ، هذا هو الغرض من هذه الظرفية، الإشكالات الأخرى كلها مرتبطة بعضا لن نفتحها الآن .بخصوص المردودية الفعلية للنساء ورجال التعليم،

كيف توفقون بين تواضع المردودية والتباين الموجود بين المدرسة العمومية والقطاع الخاص، والانتظارات التي جاء بها المخطط الاستعجالي؟


حتى نكون صادقين ومنصفين، لا نتوفر الآن على أداء دقيق لمردودية المدرس لاعتبار بسيط هو أننا لم تتخذ أي قرار منذ بداية المدرسة المغربية لربط تطور مسار المهني للمدرس بالمردودية، بمعنى آخر.

طيب، ما هو السبيل الأمثل للتواصل مع مختلف مكونات المشروع؟


لا بد من تعبئة شاملة، عبر الإعلام من خلال إذكاء نقاش هادئ ومتزن، من منطلق أن المدرسة تحتاج لهذا النقاش اليوم.

هل تم فتح النقاش مع الأحزاب حول المخطط الاستعجالي؟

لقد فتحنا نقاشا داخل قبة البرلمان من خلال لجنة القطاعات الاجتماعية قبل تقديم الصيغة النهائية، وتم النقاش في أربع حلقات كما استغرق حوالي 15 ساعة، تطرقنا فيها لمقومات البرنامج وللعديد من التفاصيل، وكانت الخلاصة الأهم، أننا أمام هم حقيقي وأمام قلق جماعي حول مآل المدرسة، وهو ما تمت ترجمته اليوم من خلال قوة افتراضية.

 ماذا عن حضور الجامعات في مشروع الإصلاح؟


حضورها أساسي على اعتبار أن المجالات التي خصصها ميثاق التربية والتكوين من أجل تفعيل مشروع الإصلاح، لولا أن مشكل الجامعة الآن يكمن في نقطتين أساسيتين، أولها أنها تستقبل وافدين بمواصفات مقلقة، وأخص بالذكر انعدام التوازن ما بين المسالك العلمية والتكوينية والمسالك الأدبية، وهناك الجهد الذي ثم على مستوى تعميم التمدرس الذي كان فعليا في نهاية التسعينات وبداية 2000، وتم في شروط لم تكن فيها الجامعة مؤهلة للتعاطي مع هذه الأشياء.هناك مسألة أخرى أخطر من المنتظر أن تعاني منها الجامعة خلال السنوات المقبلة، وتكمن في أننا لم نقم بتصور لتدبير موارد بشرية. نحن الآن أمام معضلة حقيقية لأننا في كثير من التخصصات نعرف خصاصا كبيرا جدا من الأساتذة.

 استجوبه: عبد الحفيظ بوسيف
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article